عبد العزيز خميس
تُجهد قطر نفسها راكضة بين دهاليز المنظمات الدولية بحثا عن نصر وهمي على الدول الأربع، معتقدة أن هذه المنظمات ستقف إلى جانبها، وتنقذها من مقاطعة فاعلة ومؤثرة على داخل الدوحة وخارجها.
ووسط هذا الركض المجنون والمحموم، تجد في كل مكان صدمة وتجاهل وعدم اكتراث، بل وصدود يشوبه حالة من الاستغراب لهذه المساعي التي لا تعير مبادئ السيادة أهمية.
الدول الأربع قاطعت قطر بناء على معطيات يجب على الدوحة معالجتها والتغلب عليها حتى تنتهي المقاطعة. وحتى لو قبلت منظمة دولية بما تقوله قطر فلا يمكنها فعل شيء ولا إيقاف المقاطعة حيث أن من أبسط بديهيات السياسة حق الدول في حماية أراضيها وشعوبها من الإرهاب.
السعي القطري المصاب بالسعار والتخبط نتيجة لفاعلية المقاطعة وتأثيرها، تستطيع قطر أن تتعامل مع العالم دون حصار ولا تدخل من الدول الأربع، لكن المسؤول القطري لا يتصور أن يصبح وحيدا مشردا في الخليج العربي، لا يمكنه إفهام شعبه لماذا هذه المقاطعة، وما ذنبهم في أن يحمي المسؤول قطعانا من الإخوان وشذاذ الآفاق وهم يدفعون الثمن.
يعترف المسؤول القطري بأن المقاطعة تمس شعبه، ويريد من الدول الأربع أن تعيد التواصل، بينما يستمر هو في سياساته المعادية لها ولمصالحا وأمنها واستقرارها.
ولا يعترف هذا المسؤول أن صبر الأمس انتهى وأن الوقت هو للحساب والعقاب وعليه أن يدفع الثمن. يركض محموما بين أروقة المنظمات دون روية ولا تعقل ولا اعتراف في أن حل مشكلته في يده وأن عليه أن يطهر بلاده من الإرهاب وعصاباته، وأن عليه أن ينتهج سياسية جديدة قوامها التعاون والمكاشفة والمصارحة والشفافية مع إخوته في العالم العربي.
كل هذه المساعي القطرية ستذهب أدراج الرياح فلا تستطيع منظمة واحدة فرض شيء ما على الدول الأربع، ويظل هو تحت بسطار الجندي التركي يخشى من يوما لا ينفعه فيه المرتزقة ولا أعداء الأمس، لذا عليه أن يستدل إلى درب الحل وهو أن يخطو بوضوح تجاه مكافحة الإرهاب وبشفافية، لا يمكنه أن يخادع بعد اليوم أحد، فوقت النظرة الحنونة من الأخ الكبير عليه انتهت فقد رسب في الدرس الذي منح له عدة مرات.
الهروب من مواجهة الأسئلة الكبيرة التي طرحتها الدول الأربع على الصغير القطري يدفع ثمنه شعب لا حول له ولا قوة، والمنظمات الدولية لن تفعل سوى أن تستمع له وهو يبكي ذليلا تائها حائرا، والدول الأربع ستنتظر منه أن يعود وهو يجر أذيال الخيبة. وقد قرب هذا اليوم.